أخبار عاجلة

الأسباب الكامنة وراء تردد الصين في إجراء تغييرات ملحة

الأسباب الكامنة وراء تردد الصين في إجراء تغييرات ملحة
الأسباب الكامنة وراء تردد الصين في إجراء تغييرات ملحة

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع بوراق نيوز نقدم لكم اليوم الأسباب الكامنة وراء تردد الصين في إجراء تغييرات ملحة

ft.svg

ت + ت - الحجم الطبيعي

تصر بكين بشدة على عدم زيادة تمكين المستهلكين بشكل حقيقي، وتفضل بدلاً من ذلك التركيز على الدعم الصناعي. وبالنسبة للمستثمرين الذين يراقبون الصين، طرأت بعض الاتجاهات الإيجابية في الآونة الأخيرة، حيث بدأت صادرات الصين في الانتعاش، ما يدعم النمو الاقتصادي، على الرغم من ركود السوق العقارية الذي طال أمده وتواصل تراجع الاستهلاك.

وقد يشعر صانعو السياسات في الصين بأن استراتيجية النمو القائمة على المصانع تثبت نجاحها. ومع ذلك، لا تزال ثمة مشكلة هيكلية كبيرة وأوسع نطاقاً لم يتم بعد التطرق لها، فعلى الرغم من أن الحكومة أطلقت سياسات لمحاولة وضع حد لانهيار قطاع العقارات، إلا أنها رفضت بشدة تمكين المستهلكين بشكل حقيقي، سواء من خلال توفير تحويلات مالية للأسر أو إطلاق إصلاحات تعزز الخدمات العامة والسلامة الاجتماعية.

وكان البرنامج المصمم لتحفيز الأسر على التجارة في السلع المعمرة وتحسينها، بما في ذلك السيارات، مخيباً للآمال، فقد كان ضيق النطاق ومقيداً للغاية، ليتحول في نهاية المطاف إلى منعطف لتعزيز الإنتاج الصناعي مرة أخرى.

ومن خلال مضاعفة الجهود لدعم جانب العرض، قد يتسبب ذلك في تفاقم القدرة الإنتاجية الفائضة محلياً والخلافات التجارية عالمياً، وتبدو الصين مستعدة لتحمل مثل هذه المخاطر؛ لأن السياسة والجغرافيا السياسية -كما هو واضح- تكتسبان أهمية أكبر بكثير من الاقتصاد.

لقد لاحظ المسؤولون الصينيون على الأرجح أن الدعم القوي لدخل الأسر ساعد العديد من الاقتصادات الغربية على التعافي بعد الجائحة، لكنهم لاحظوا بقلق أيضاً أن الطلب المفرط قد أدى إلى ارتفاع التضخم، ما أجج بدوره سخط الناخبين وعزز النزعة الشعبوية.

إن النظام السياسي الاقتصادي في الصين لن يسمح بتبديد الموارد لغرض الاستهلاك الفردي، والسمة المميزة لهذا النظام، المتجذرة في المبادئ اللينينية، هي تعبئة الموارد من أجل التحول الاجتماعي والاقتصادي، وتفتخر النخبة الحاكمة في الصين بجدارة قدرة النظام على «حشد الموارد لتحقيق إنجازات هائلة». وهم يرون أن هذه القدرة مكنت الصين من تحديث البنية التحتية، وتسريع عملية التصنيع، والنجاة من براثن الفقر وخلق معجزة تنموية.

وفي الوقت الحاضر، لاحظ القادة الصينيون العبر الواجب تعلمها من نموذج الرأسمالية الأمريكية الذي يحركه المستهلك، منها: تراجع النشاط الصناعي، والإفراط في التمويل، ودورات الازدهار والكساد المزعزعة للاستقرار، والانحلال الاجتماعي، والهياج الشعبوي، والمنصات الرقمية ذات الثروة والقوة لمنافسة الدولة.

ويفضل الرئيس الصيني شي جين بينغ حشد الموارد لتعزيز «الاقتصاد الحقيقي»، الذي يعد في الصين مرادفاً للتصنيع. ومن الممكن أن يسهم التصنيع في ضمان الاكتفاء الذاتي، وهو مبدأ يقدره القادة الصينيون منذ عهد ماو تسي تونغ، لكن خفف خلفاء ماو هذا الهوس، ليس لأنهم تحولوا إلى أنصار حقيقيين للاقتصادات المتعلقة بالميزة المقارنة، بل بدافع الضرورة لجذب رأس المال والتكنولوجيا الغربيين.

وعلى عكس الاقتصادات الصناعية الأخرى، التي تميل إلى تعهيد الصناعات القديمة مع ارتقاء شركاتها بسلاسل القيمة، لم تثق الصين البتّة في تقسيم العمل العابر للحدود الوطنية. ويبدو أن بصيرتهم مبررة الآن في ظل فرض الولايات المتحدة وحلفائها قيوداً على التكنولوجيا والاستثمار، ووصول الشركات الصينية إلى الأسواق، وقد حفز هذا الخوف بكين على تطوير أكبر سلاسل توريد صناعية وأكثرها شمولاً في العالم.

ويتباهى صانعو السياسات في الصين بإدارة الدولة الوحيدة في العالم التي تشارك في إنتاج القطاعات كافة، وفقاً للتصنيف الصناعي القياسي الدولي لجميع النشاطات الاقتصادية التابع للأمم المتحدة.

وتهدف الاستراتيجية الصناعية للبلاد إلى رفع مستوى المصنعين الصينيين على طول سلسلة القيمة للسيطرة على السوق المحلية وتوسيع حصصهم في السوق العالمية، ولا بد من دمج المنافسين الأجانب الذين لم يتم هزيمتهم في سلاسل التوريد الصينية الأكثر تطوراً وكفاءة. وفي هذا السياق، يبدو برنامج مقايضة المركبات والأجهزة منطقياً مع الإطار الاقتصادي السياسي بالصين، وينبغي توجيه حوافز الاستهلاك نحو التصنيع. وفي نهاية المطاف، يتطلع شي جين بينغ إلى تطوير قوة تصنيعية عظمى بدلاً من بناء مجتمع استهلاكي ثري.

Email