طفرة صفقات النفط والغاز الأمريكي تعيد رسم مشهد الطاقة

طفرة صفقات النفط والغاز الأمريكي تعيد رسم مشهد الطاقة
طفرة صفقات النفط والغاز الأمريكي تعيد رسم مشهد الطاقة

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع بوراق نيوز نقدم لكم اليوم طفرة صفقات النفط والغاز الأمريكي تعيد رسم مشهد الطاقة

ft.svg

ت + ت - الحجم الطبيعي

حقّقت الصفقات في قطاع النفط والغاز الأمريكي طفرة خلال العام الماضي لتبلغ قرابة 200 مليار دولار، مع تسابق كبار المنتجين للسيطرة على المنافسين لتوسيع أفق الأعمال، وهو ما تسبب في إعادة رسم مشهد الطاقة.

ومع الاستحواذ على أفضل الحقول الصالحة للتنقيب في البلاد، تتطلع الشركات بأنظارها إلى نطاق أوسع، وإلى ما هو أبعد من حقول النفط المرغوبة، سعياً وراء عمليات استحواذ من شأنها تعزيز قدراتهم على ضخ مزيد من النفط في الأعوام المقبلة.

وقال جون هيوز، الرئيس التنفيذي لدى شركة بيتري بارتنرز المصرفية الاستثمارية الصغيرة، التي قدّمت المشورة لـ «إكسون موبيل» في عملية استحواذها البالغة 60 مليار دولار أمريكي على «بيونير ناتشورال ريسورسز»: «نحن في وسط موجة دمج ولا أعتقد في انتهائها بعد، فقد انتقلنا من نحو 65 شركة مُدرجة في البورصة في قطاع النفط والغاز بالولايات المتحدة إلى 41 شركة في غضون أقل من خمسة أعوام».

وأعلنت شركات تشمل «إكسون موبيل» و«شيفرون» و«أوكسيدنتال بتروليوم» منذ يوليو المنصرم إبرامها صفقات بقيمة 194 مليار دولار بمجال النفط الصخري في الولايات المتحدة، وفقاً لشركة ريستاد إنرجي للاستشارات، وهو قدر يساوي ثلاثة أضعاف الرقم المُسجل على مدى 12 شهراً سابقة تقريباً. وجاءت آخر الصفقات المُعلن عنها الأسبوع الماضي مع إفصاح «كونوكو فيلبس» عن قيامها بعملية استحواذ بقيمة 22.5 مليار دولار على «ماراثون أويل»، بعدما أعلنت «فاينانشال تايمز» عن إجراء الطرفين مفاوضات. وتشير «ريستاد» إلى وجود أصول أخرى بقيمة 62 مليار دولار على الأقل قيد النظر لعمليات استحواذ.

سلّط مايكل ألفارو، كبير مسؤولي الاستثمار لدى صندوق التحوط غالو بارتنرز الذي يركز على الشركات الصناعية والطاقة، الضوء على تركيز كبار اللاعبين في السوق أنظارهم على شركات مثل «برميان ريسورسز» و«ماتادور ريسورسز» و«كورد إنرجي» و«سيفيتاس ريسورسز». كما أشار ألفارو إلى شركات خاصة جذابة ومُحتملة تشمل «دبل إيغل» و«ميوبورن أويل».

وتُعد «إي أو جي» التي تتخذ من هيوستن مقراً لها وقيمتها 70 مليار دولار و«ديفون إنرجي» في أوكلاهوما وقيمتها 30 مليار دولار أكبر الشركات الأمريكية المُدرجة التي لم تسجّل حضورها بعد في هذه الموجة. وتواجه «ديفون» خطر أن تكون هدفاً للاعبين آخرين إذا لم تتمكن من إثبات حضورها على الساحة، بحسب محللين. وعقدت الشركة مفاوضات مع «ماراثون»، لكن «كونوكو» سبقتها واستأثرت بالشركة، وفق أشخاص مطلعين على الصفقة.

لقد دخلت فورة إبرام الصفقات مرحلة جديدة، حيث تتطلع الشركات إلى مواطن أبعد، بعد الاستحواذ بالفعل على غالبية أفضل الحقول الموجودة في حوض برميان ذي الإنتاج الغزير والواقع في ولايتي تكساس ونيو مكسيكو، ويُعتبر محرك صناعة النفط في البلاد. وتسببت موجة الدمج في وقوع نحو ثلثي حقول النفط الصخري الأمريكي في أيدي ست شركات، حسب تقديرات «ريستاد».

وشكّلت صفقة استحواذ «كونوكو» على «ماراثون» تحوّلاً استراتيجياً في موجة الدمج والاستحواذ. وتمتلك «ماراثون» عدداً من الحقول في حوض برميان، لكن أصولها مترامية في أحواض أقل شهرة مثل «إيغل فورد» في ولاية تكساس، وحوض «باكن» في داكوتا الشمالية، و«سكوب ستاك» في أوكلاهوما. وأُبرمت الصفقة بعد خسارة «كونوكو» أمام منافستها «دياموندباك إنرجي» في محاولة شراء «إنديفور إنرجي ريسورسز»، التي تعد واحدة من الجوائز الثمينة الواقعة في حوض برميان.

قال بالاش رافي، كبير المحللين لدى «ريستاد»: «كان من الممكن أن تدفع المنافسة المتزايدة شركة كونوكو فيلبس إلى النظر في خيارات أكبر في أماكن أخرى، في ضوء بقاء فرص محدودة في حوض برميان»، مبيناً: «من المُرجح للغاية أن تتجه موجة الدمج في قطاع النفط الصخري الأمريكي إلى خارج حوض برميان».

وأطلقت «إكسون موبيل» صافرة بداية الطفرة الأخيرة للصفقات بشرائها «بيونير»، أكبر منتجة للنفط في تكساس، مقابل 60 مليار دولار في أكتوبر الماضي. وأعقب ذلك سريعاً إعلان «شيفرون»، أكبر منافسي «إكسون»، صفقة مثيرة للجدل بقيمة 53 مليار دولار لشراء «هيس».

وحذا آخرون حذوهما، مع تنافس أكبر شركات النفط الأمريكية على الاستحواذ على منافسين أصغر. وتغلبت «أوكسيدنتال بتروليوم» على «دياموندباك» في صفقة بقيمة 12 مليار دولار لشراء «كراون روك». وتمكنت «دياموندباك» في وقت لاحق من استباق «كونوكو» إلى شراء «إنديفور» في صفقة بلغت 26 مليار دولار. وجاء استحواذ «كونوكو» على «ماراثون» مقابل 22 مليار دولار بعد أسابيع من المنافسة مع «ديفون إنرجي».

وقفزت التوترات بعد ذلك إلى السطح، حيث ظهر السجال بين «إكسون» و«شيفرون» بسبب استحواذ الأخيرة على «هيس». ودفعت «إكسون» بحُجة أن لديها الحق في الرفض الأول لأي عملية بيع لحصة «هيس» في مشروع مربح قبالة سواحل غويانا، كما رفعت دعوى تحكيم من شأنها إفشال أكبر صفقة في تاريخ «شيفرون».

من ناحية أخرى، جذبت موجة إبرام الصفقات انتباه الجهات التنظيمية المعنية بمكافحة الاحتكار. ولم تحاول لجنة التجارة الفيدرالية بعد حظر أي من الصفقات، لكنها أطلقت تحقيقات في الكثير من عمليات الاستحواذ الكبيرة.

وتحت إمرة لينا خان، رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية، تلقت ست صفقات من بين ثمانٍ في قطاع النفط والغاز تتخطى قيمتها 5 مليارات دولار طلباً ثانياً لجمع معلومات إضافية من الجهة التنظيمية، بحسب «بيتري بارتنرز»، بزيادة كبيرة عن واحدة فقط من بين 27 صفقة على مدى فترة تصل إلى عقدين تقريباً فيما سبق.

وأجازت لجنة التجارة الفيدرالية، من بين التحقيقات التي أجرتها، صفقة استحواذ «إكسون» على «بيونير» بقيمة 60 مليار دولار. لكن الموافقة كانت مرهونة بمنع سكوت شيفيلد، الرئيس التنفيذي السابق لدى «بيونير»، من تقلّد منصب في مجلس إدارة «إكسون»، من منطلق تواطؤه لكبح إمدادات النفط.

وقد وصف شيفيلد الادعاءات بأنها «جامحة وغير قابلة للتصديق»، وشدد على أن الموقف العدائي الذي تتبناه لجنة التجارة الفيدرالية وقدرتها على التفتيش في الاتصالات السابقة قد يدفعان المسؤولين التنفيذيين إلى التفكير مليّاً قبل إبرام الصفقات. وصرح لـ «فاينانشال تايمز» قائلاً: «أنا قلق للغاية من أن مهاجمة تصريحات سابقة ستخلّف تأثيراً سلبياً على قدرة قادة الأعمال ورغبتهم في التعبير عن وجهات نظرهم علانية».

لقد حوّلت طفرة إبرام الصفقات المشهد الذي يكتنف قطاع النفط والغاز، إذ صار قطاعاً تهيمن عليه حفنة ضئيلة من كبار اللاعبين المؤثّرين بعدما كان يتألف من آلاف الشركات صغيرة الحجم.

وستتمتع «كونوكو» بموجب صفقتها الأخيرة بحجم إنتاج أكبر من «توتال إنرجيز» العملاقة وسيجعلها على قدم المساواة مع «بريتيش بتروليوم»، وفق شركة وود ماكنزي للاستشارات. وتشير تقديرات «ريستاد» إلى أن شركات «كونوكو» و«إكسون» و«شيفرون» ستشكل معاً 25% من موارد النفط الصخري المتبقية في الولايات المتحدة.

وفي حين أبرمت الشركات غالبية الصفقات الكبيرة، لكن يشير المسؤولون التنفيذيون في الصناعة إلى أن هناك الكثير من عمليات الدمج التي لم تُنجز بعد. وذكر مارك فيفيانو، مدير المحافظ لدى شركة كيميريدج للأسهم الخاصة: «سبق السيف العذل فيما يتعلق بصفقات الدمج والاستحواذ، ونتوقع استمرار المنافسة على توسيع حجم الأعمال».

Email