أخبار عاجلة

توقفنا فيما هم يهرولون «الأخيرة» - بوراق نيوز

توقفنا فيما هم يهرولون «الأخيرة» - بوراق نيوز
توقفنا فيما هم يهرولون «الأخيرة» - بوراق نيوز

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع بوراق نيوز نقدم لكم اليوم توقفنا فيما هم يهرولون «الأخيرة» - بوراق نيوز

أوراق مسافرة

الثلاثاء 02/يوليو/2024 - 07:25 م 7/2/2024 7:25:31 PM

سوق الألقاب والشهادات والتكريم والجوائز فى بلدنا كبير جدًا، وكما أشرت الأسبوع الماضى يمكن لمن أراد أن يشترى أى من هؤلاء بالمال، لأن الألقاب لها سحرها الخاص لدينا، متوارثة من أقدم عصور مصر القديمة وصولًا إلى عهد الاحتلال العثمانى لمصر وحتى الأن، ففى العهد التركى كان هناك لقب الخديو والوالى، وفى عهد الملكية، وضع الملك فؤاد الأول قوانين تتضمن ألقابًا لأسرته.
فلأخوة والأخوات والأبناء أمير أو أميرة، وزوجات وأزواج الأمراء يطلق عليهم لقب نبيل أو نبيلة، وفى عام 1915، بعد فرض الحماية البريطانية على مصر أصدر السلطان حسين كامل أمرًا بتعيين رتب جديدة تحل محل القديمة، وهى رتبة الامتياز، وهى خاصة بالوزراء ومن هم فى مقام الوزراء، رتبة الباشوية، رتبة البكوية، وهكذا.
وجاءت ثورة عام 1952 م والغت جميع هذه الألقاب، وتقرر أن يخاطب الناس جميعًا بلقب «السيد» إلا أن ألقاب رجال الدين وألقاب السلك الدبلوماسى بقيت، كما احتفظ أبناء الشعب بإطلاق لقب «فلان بك» و«فلان باشا» على أصحاب المراكز والنفوذ خاصة ضباط الجيش والشرطة، بجانب لقب «سعادة» على الوزراء وما تحتهم من مناصب.
لقد اصبح من الراسخ فى فكرنا أن الألقاب تمنح هالة من الأهمية للشخص سواء كان يستحق أو لا يستحق، وللأسف هذه الألقاب تؤدى مع استمرار تداولها إلى محو الماضى الحقيقى لصاحب اللقب، ليتربع على سطح المجتمع ويتصدر اهتمام الإعلام، فيتم اختياره من قبل قيادات الدولة على أساس عملية «النفخ الصناعي» التى تمت له وتسند له المناصب والمراكز، على حساب من الأجدر والأصلح، وهو ما يكشف أحد أسباب تدهور بل فشل أسلوب العمل والإدارة، وذلك على النقيض مما يحدث فى الدول المتقدمة.
ناهيك على الشهادات المزورة التى تجلب لقب دكتور لصاحبها، أو التى يتم شراؤها، والجمعيات المؤسسات التى تبيع شهادات التكريم التى تحمل ألقاب وأوصاف ضخمة وهائلة، وتصف من يدفع الثمن بأنه أهم شخصية لهذا العام أو ذاك، وأنه قائد التنوير ورائد التأثير فى الثقافة والفكر، وهكذا، يختلط الحابل بالنابل، والحابل فى الحروب القديمة هو الجندى الذى يصطاد أعناق الأعداء بالحبال وهو على ظهر الخيل، والنابل هو الجندى يصطاد الأعداء بإطلاق النبال، ومع اشتداد الحرب وتصاعد الغبار تغيم الرؤيا وتختلط الأمور، فلا يُعرف حابل من نابل، وهذا ما يحدث فى بلدنا.
فكارثة الكوارث فى أى بلد فى العالم أن يتولى من لا يستحق مكانة هامة فى المجتمع بسبب ما ألصقه بنفسه من ألقاب ومسميات، وما ادعاه لنفسه من خبرات هو فارغ منها حتى ينتفخ كبالونه، وتحت تأثير آلة الإعلام التى تصاب بالغباء دون قصد، أو بالتجاهل المدفوع الثمن بقصد، يتم دفع هؤلاء إلى الواجهة وتلميعهم، فيما يتم إزاحة أهل الخبرة للوراء مع تلال من الإحباط، ولعلنا نرى بأنفسنا نماذج كثيرة مما أشير إليه ممن يتولون المناصب الهامة فى بعض المصالح والمؤسسات والشركات، هؤلاء الذين صدقوا انفسهم وألقابهم وما ادعوه من علم وخبرة، فصدقهم الناس، وأصبحوا بمثابة وبال على المؤسسات التى تولوا إدارتها، وتسببوا فى خرابها وتدمير مقدراتها.
فيما بالبلدان المتقدمة، الخبرة الفعلية والشهادات العلمية الحقيقية هى المعيار للتأهيل للوظائف الهامة وقيادة المؤسسات والمصالح وغيرها، وتعيين أى شخص فى وظيفة مهمة أو حتى غير مهمة، لا يتم قبل خوضه عدة اختبارات قاسية عليه اجتيازها بجدارة ليستحق الوظيفة أو المنصب، ومن هنا كان التقدم والنجاح لمؤسسات تلك الدول ولا يزالوا يهرولون للأمام، لأن القيادات هم من أصحاب الخبرة والعقل المتطور، لا من أصحاب الألقاب الوهمية والشهادات المدفوعة الثمن ولا من أهل الوساطة والمحسوبية ولا من أهل الثقة، وإن لم يتغير كل هذا لدينا، سنواصل التأخر، وسيواصلون الهرولة للتقدم.

[email protected]