أخبار عاجلة

درناوي يصفُ لوكالتنا فاجعة درنة بالطامة | الجزء الرابع - بوراق نيوز

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع بوراق نيوز نقدم لكم اليوم درناوي يصفُ لوكالتنا فاجعة درنة بالطامة | الجزء الرابع - بوراق نيوز

 

كُنا معكم في الأجزاء الأول والثاني والثالث من حكاية مروان، أحد ضحايا فاجعة درنة، واليوم يُكمل معكم مروان بقية الحكاية من حيثُ توقف في الجزء الرابع…

شعرت بأن منسوب المياه بدء في التراجع، وأصبح بإمكاني النزول إلى المنزل لإلقاء نظرة والتأكد ما إن كانت بناتي وأمهن قد تمكنن من النجاة.. بالفعل نزلت إلى المنزل وبدأت في دفع بابه ولكن كان هنالك ضغطٌ كبير يدفع في الاتجاه المعاكس لي.. ظننتُ أنها المياه التي ملأت المنزل شعرتُ باليأس وتمكن من الإحباط.. وأدركت أن بناتي وأمهن توفاهن الله.. “جلست وحكمت أمري لربي” فجأة فُتح الباب.. كانتَا اثنين من بناتي الأولى عمرها خمسة عشر عامًا والثانية إثني عشر عامًا..

يواصل الحديث… والرغبة في البكاء تحاصره: تمكنتُ من إنقاذ اثنين من بناتي الأولى تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا والثانية إثني عشر عامًا، لكنني وجدت أمهن ملقاة إلى جانبهن جُثةً هامدة.

يُكمل حديثه بنبرة يطغى عليها التعجب قائلاً: “أنا مستغرب… مالقيتش تفسير…بنتي الكبيرة -كبريتي- لها مكانة خاصة عندي، لما خشت علينا الميّه ما شعرتش أني فقدتها، ما كأنش في عندي بنت كبيرة اسمها حليمة”

في لحظةٍ ما.. عندما ارتطمت السيول بمنزلنا وحاصرته متدفقةً بقوة إلى الداخل، لم أفقد ابنتي الكُبرى، لم أشعر بغيابها عن عيناي وكأن لم يكن يومًا لي ابنة تدعى حليمة.

إن علاقة الأب ببناته علاقة مقدسة، علاقة لا يمكن اختزالها في بضعة أسطر الأب هو بطل بناته وهو الدرع الحامي.. إن الأب هو الرجل الأكثر تأثيرًا في حياة بناته وهو ما جسده حديث السيد مروان عندما قال:

“أنا كنت نبني في بنتي حليمة، أسستها على مدار ستة عشر عامًا، كنت نقول لها يا حليمة أنا نبي نبنيك كويس عشان انتِ تكملي بقية الأسرة، نبيك تعلمي خواتك وتقريهن وتفهميهن…ما كنتش نبخل عليها بأي معلومة ولا قصة ولا حتى سهراية… كنت نحس فيها أقرب شخص ليا… مش بنتي.. حاجة أعز” وفقَ تعبيره.

يواصل مروان الحديث بحسرة وقلبٍ مفطور عن -بكريتَه- وهو المسمى الذي يطلق على أول وأكبر الأبناء- ” كانت مجتهدة في دراستها، لمّاعة، تحب تتعلم، وابتسامتها عمرها ما فارقتها”

يتساءل مروان وآلاف الأسئلة تبحث عن إجابة “أنا فقدت حلمية.. أنا ليش فقدت حليمة؟ ليش ما قدرتش نشوفها لحظة وقوع الكارثة؟ ليش غابت عن عيوني؟” يتنهد مروان ويُكمل بقية الحكاية.. نقلتُ الجثتين إلى سطح المنزل، قبلتهن وقمت بتغطيتهن.

يتوقف الزمن لبرهة، تعجز فيها عقولنا عن استيعاب ما حدث وكيف حدث ذلك.. ولماذا؟ تحاصرنا الأسئلة التي تتعطش إلى إجابات ملحّة.. ولكن كيف نصوغ الأحداث التي لم نستوعبها في كلمات تطفو من خفتها على سطح الإدراك؟

هذا ما شعر به مروان وهو يكفن زوجته وحليمة -بكريتَه- وهو يحاول عاجزًا لا محالة عن تفسير ما حدث.

يُكمل مروان الحديث لوكالتنا.. “كان أطول ليل يمر عليا في حياتي، الليل ما بشّ يكمل، والصبح كأنه ما يبيش يجي” وبعد قلقٍ وتوترٍ وفقدان بدأت خيوط الشمس النحيلة في الظهور، وأشرقت الشمس لتكشف هول ما حدث فيكِ يا درنة.. هرعت للبحث عن مساعدة، وخرجت من المنزل باتجاه الشارع الرئيسي لمنطقتنا، وفي طريقي إلى هناك شاهدت ما لم يكن في الحُسبان، جثث بأعداد كبيرة ملقاة على الطريق، شجر وسيارات ثقيلة دفعتها السيول الجامحة، والطي يغطي مدينة درنة الزاهرة.. وكل ذلك يصحبه صراخ الأطفال والنساء والرجال!

يُكمل مروان الحديث لوكالتنا… تخطيت الركام والطمي والجُثث وذهبت لمنزل أسرة زوجتي لأبلغهم بما حدث، وأوصيتهم بأخذ ما تبقى من بناتي حتى أتمكن من إيجاد حلٍ لهذه الكارثة.. كان هذا الجزء الرابع من حكاية مروان الدرناوي ولمعرفة بقية الحكاية تابعوا معنا بقية الأجزاء.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24